كن صلباً أمام النقد

كن صلبا امام النقد

منذ سنوات حضر إلى معهدى محرر فى جريدة شمس نيويورك وإذ بى أجده يشن هجوماً عنيفاً على معهدنا فى صدر صفحات جريدته فهل ترانى تأثرت لهجومه ونقده؟ نعم تأثرت شيئاً ما وبدورى قمت بمخاطبة "جيل هودجز" مدير تحرير الجريدة هاتفياً ورجوته أن ينشر مقالا يتضمن الحقائق لكشف الغموض الذى التبس على القارئ ....... ورغم أننى كنت أريد القصاص من المحرر على قدر ما كتب إلا أنى أشعر بالندم حالياً على ما فعلت، فأنا واثق من أن نصف الذين اشترو الجريدة لم تقع أعينهم على هذا المقال وربما نصف الذين قرأوه تعاملو معه على أنه مجرد دعابة ساذجة بريئة بل أن نصف الذين أخدوه على محمل الجد قد سقط من ذاكرتهم فى غضون أسابيع قليلة لأن الناس تستيقظ من نومها ولا يدور فى خلدها سوى همومها وشواغلها حتى أن خبر موتك أو موتى لا يثير شفقتهم وحزنهم إلا بضع دقائق فقط ، حتى لو أصابنا من الناس افتراءات ومزاعم فلا ينبغى أن نبالى بها .
وبدلاً من أن نسعى لقطع ألسنة الناس الظالمين فينبغى أن نتجاهل لوم الناس ونقدهم.
أريد أن أقول : انا لا اطالبك بتجاهل نقد الآخرين إليك ولكننى أقصد بذلك النقد الظالم المغرض.
حين إلتقيت مع " اليانور روزفلت " سألتها كيف تواجه النقد؟
وكنت أعرف مقدما كثافة النقد الشديد الموجه اليها حين كانت تشغل منصب سيدة البيت الابيض
فأجابتنى تقول: " كنت فى صباى أتمتع بقدر كبير من الحياء والخوف وكنت لذلك أخشى من النقد وأتجنبه حتى أنى قلت لعمتى " شقيقة تيودر روزفلت " إننى لا أريد إقحام نفسى فى أى عمل تجنباً للنقد فما هى نصيحتك يا عمتى ؟ ونظرت إلى نظرة عميقة ثم قالت : " لاتهتمى بما يردده الناس عنك مادمت تصنعين عملاً وتثقين فى صوابه" والواقع أننى عملت بهذا الشعار.
فى محاضرة شهيرة أكد "تشارلز شواب" إمبراطور الصلب المعروف أمام طلبة جامعة برنستون بأن أهم درس إستوعبه فى حياته كان على يد رجل ألمانى عجوز كان عاملا فى مصانعه فقد حدث أن هذا الالمانى قد اشتبك – اثناء الحرب الاخيرة – مع مجموعة من عمال المصنع وخاض معهم فى جدل عنيف حول الحرب والتطورات السياسية والعسكرية مما أثار غضب العمال الذين حملوه على الاكتاف واطاحو به فى النهر ! واستطر شواب وحين أتانى هذا الالمانى العجوز وهو مبتل بالماء ملوث بالوحل سألته ماذا فعل مع هؤلاء الذين اطاحو به فى النهر؟ فأجابنى قائلا : " لاشئ ..... لقد ضحكت " واعترف شواب انه اتخذ من هذه الكلمات القليلة شعارا له مدى حياته.
والواقع أننا لا نستطيع أن نرد على من يضحك إذا نحن أسأنا إليه فأنت مثلا إذا انتقدت أحد الاشخاص ووجدته يبتسم فماذا ستفعل معه بعد ذلك سوى أن تسلم إما يجهلك وإما بأنه رجل حكيم يزن الامور كما يشاء هو لا كما تشاء أنت أليس هذا صحيحاً ؟
وإبراهام لنكولن حين تعرض لسهام منتقديه وطعنات مهاجميه أثناء اندلاع الحرب الاهلية الامريكية وقف يقول : " لو أننى حاولت قراءة ـ لا أن أرد فقط ـ كل الانتقادات الموجهه لشخصى لتبدد وقتى وتعطل عملى ..... إننى أبذل قصارى جهدى فى عملى وواجبى فإذا نجحت جهودى فلا بأس من أى نقد أناله فلن أعيره أى اهتمام .... وإذا خاب مسعاى فلن أفلح فى إبراز حسن نواياى حتى لو أقرت الملائكة أمامهم على ذلك ".
إذن حين يوجه إليك النقد ضلما وعدوانا تذكر القاعدة رقم (2)
" لاتبال بنقد الآخرين مادمت واثقا من صواب ما تصنعه "

ديل كارينجى