سجل أخطائك وحاول الاستفادة منها فى مستقبلك

سجل أخطائك وحاول الاستفادة منها فى مستقبلك
ــــــــ
على مكتبى ملف يتسم بقدر كبير من الاهمية مكتوب عليه " سجل حماقاتى " وقد ضم هذا الملف العديد من الحماقات التى ارتكبتها على مدار حياتى وبعض هذه الاخطاء أمليتها على سكرتيرتى واحتفظت بالبعض الاخر اعتقاداً منى ببشاعتها وفظاعتها فكيف لى أن أسردها على سكرتيرتى؟ ولو أنى كنت أمينا مع نفسى لكان أجدر بى أن أملأ مكتبى بملفات عديدة مكتوب عليها " سجل الحماقات "
وحين أقوم باستخراج هذا الملف وأعيد قراءة الانتقادات التى وجهتها إلى نفسى أشعر بقدرتى على الاستعانة بعظات الماضى وعبره لمواجهة أقسى وأقوى المصائب التى أتعرض لها.
وبعد إطلاعى أكثر من مرة على هذا الملف اكتشفت أن كل هذه الاخطاء كانت مسئوليتى وليست مسئولية غيرى وفى ظنى أن أغلب الناس لو فعلو ما فعلت أدركو ما أدركت وقديما قال نبليون أثناء وجوده فى منفاه بجزيرة سانت هيلانة:
" أنا فقط المسئول الوحيد عن هزيمتى فقد كنت أنا أعظم عدو لنفسى "
***********
والآن هلا سمحتم لى أن أحدثكم عن رجل عقبرى أجاد فن محاسبة نفسه ومراجعتها؟ أنه " هـ . ب . هاول " الذى أصاب الجميع بصدمة قاسية حين تسرب نبأ موته المفاجئ فى 31 يوليو 1944 فى فندق أمباسادور بنيويورك .
كان هذا الرجل من أشهر رجال المال إلى جانب عمله كرئيس مجلس إدارة المصرف التجارى الوطنى ومديراً للعديد من الشركات الكبرى والغريب أن هذا الرجل لم يكن يتمتع بأى قدر من الثقافة فقد بدأ حياته العملية كاتباً متواضعاً فى أحد المتاجر الريفية ..... وحين سألته يروى لى قصة صعوده إلى قمة النجاح فى الحياة أجابنى قائلاً : " إننى منذ زمن بعيد أحتفظ بمفكرة صغيرة فى جيبى أسجل بها المقابلات التى يتطلب منى اتمامها فى يومى، وأسرتى نفسها تعرف أن يوم السبت هو المخصص من كل أسبوع لمراجعة نفسى فيما فعلت طوال الاسبوع .... ففى هذا اليوم وعقب انتهائى من تناول العشاء حتى أعود أدراجى لمكتبى وأستخرج مفكرتى الصغيرة وأتأمل كل لقاء وكل نقاش دار وأى عمل تم انجازه منذ بداية الاسبوع وحتى يوم السبت ... ثم أسأل نفسى أى الاخطاء التى ارتكبتها هذا الاسبوع؟ وأى من الاعمال التى نجحت فى اتمامها؟ وكيف استطعت مضاعفة هذا النجاح ؟ وما هى الدروس المستفادة من هذا الاسبوع؟ وكثيرا ما ربحت من هذه المراجعة ولكننى لاحظت بعد مواظبتى على هذا الامر أن أخطائى قد بدأت فى التراجع تدريجياً ولا أزال اقوم بمراجعة النفس منذ سنوات بعيدة وظنى انها ضاعفت من ارباحى اكثر من اى شخص" وربما اقتبس هاول هذا الاسلوب من بنجامين فرانكلين وان كان الفارق بينهما ان فرانكلين كان يواظب على محاسبة نفسه كل مساء لا ينتظر نهاية الاسبوع مثل " هاول " وفرانكلين اكتشف ان هناك ثلاثة عشر خطأ يرتكبها دائماً وقد ذكر لنا ثلاثة منها :
أ‌- تبديد الوقت فيما لا يفيد ب- الاهتمام بالتوافه ج- الجدال العقيم مع الاخرين
واستخلص فرنكلين من تلك الاخطاء أنه إذا لم يتخل عن هذه العادات السلبية فلن يتقدم قيد أنملة للامام ولذلك فقد خصص اسبوعاً للقضاء على كل عيب من هذه العيوب ومن اجل هذا الامر خصص سجلا صاغ فيه يوما بيوم اخبار انتصاراته على عيوبه او هزيمته وقد ظل فرانكلين زهاء عامين لمحاربة اخطائه فلا عجب اذن انه اصبح ساكنا فى قلوب الشعب الامريكى !
وانك ستلاحظ ان السفهاء فقط هم الذين يندفعون وراء الغضب لاتفه الاسباب اما العقلاء فيتلهفون على معرفة ما ينطوى عليه اللوم من الحقيقة لكى يتجنبوه ولهذا كان " والت ويتمان " يقول دائماً " هل تعلمت دروس الحياة من الذين امتدحوك وساندوك واشفقو عليك؟ أم تعلمتها من هؤلاء الذين هاجموك وسبوك وقست قلوبهم عليك "
رباه ..... لماذا ننتظر لوم الآخرين ونقدهم ؟ لماذا لا نلوم أنفسنا ؟ دعنا إذن نفتش عن خطايانا وحماقتنا لنبحث عن كيفية شقائنا قبل أن يفتح أعدائنا فمهم لمهاجمتنا .
وتشارلز داروين العالم الشهير أنفق خمسة عشر عاما ينتقد فيها نفسه وحين انتهى من توسد كتابه الشهير " أصل الانواع " اعتقد أن نشر هذا الكتاب الذى تمرد على نظرية " خلق الانسان " الشائعة بيننا جدير بأن يفجر مشاعر وثورات رجال الفكر عامة والدين على وجه الخصوص ضده ولذلك فقد قام بتوجيه النقد لنفسه طوال خمسة عشر عاما اخرى غير التى اهدرها فى تأليف نظريته.
************
أعرف رجلا كان يعمل فى توزيع الصابون نظير عمولة وكان هذا الرجل يطلب سماع النقد الموجه اليه فعندما راح يتولى مسئولية توزيع الصابون لصالح شركة كولجيت لم ينل حظه من النجاح فإذا فشل فى اتمام اى صفقة كان يخرج الى الشارع متسائلا اى خطأ ارتكبه ؟ هل اخفف فى عرض مزايا الصابون ؟ هل كان فى حاجه لحماسة مثلا ؟ وفى اغلب الاحيان كان يعود الى العميل ويقول له : " اننى لم اعد اليك لأكرر طلبى ولكنى جئت طالبا النصيحة فهلا تكرمت باطلاعى على ما ارتكبته من خطأ حين عرضت عليك بضاعتى ورفضتها "
ولا شك ان هذه الطريقة اكسبته الكثير من الاصدقاء والخبرات والنصائح التى لا تقدر بثمن .... ولكن اين هو الآن ؟ إنه مدير شركة صابون كولجيت وبالموليف وبيت " اكبر واشهر الشركات العالمية لمنتجات الصابون .... إنه هو " أ....هـ ليتل" وقد اعتلى ترتيب الرابع عشر بين قائمة اغنياء الولايات المتحدة.
فلكى تتخلص من القلق القاعدة رقم (3)
" احتفظ بمفكرة تسجل فيها حماقاتك واخطاءك وحاول مراجعتها حتى تستفيد منها فى مستقبلك "

ديل كارينجى